16 أبريل 2024 18:51 7 شوال 1445
دنيا المال
رئيس التحرير إيهاب عبد الجواد
مقالات

كيف نصيغ  اتفاقا قانونيا ملزما مع إثيوبيا لقواعد ملء وتشغيل سد النهضة 

دنيا المال

من الملاحظ ان  (مصطلح اتفاق قانوني ملزم )  بات يستخدم في الفترة الأخيرة  بكثرة ، وذلك عند الحديث عن مفاوضات سد النهضة  و احتمالية توقيع اتفاق قانوني شامل ملزم  ،  ينظم قواعد الملء و التشغيل لسد النهضة  ،  الامر الذي يثير عدة تساؤلات من العامة و المتخصصين عن ما هو المقصود  باتفاق قانوني  ملزم  ؟

  وأيضا ما هي ضمانات تطبيق  واحترام  إثيوبيا لبنود اي إتفاق  مستقبلا   ؟

- في البداية يجب التأكيد علي حقيقة ثابتة وهي  ان القانون هو الذي يحكم الواقع الفني والهندسي في حالة سد النهضة  ، وليس العكس ، لذلك يجب تفعيل و استخدام  قواعد القانون الدولي ، ومن خلال الاضطلاع علي أحكام الاتفاقيات المعنية باستخدامات الأنهار الدولية في غير الاغراض الملاحية ،  يتم وضع وصياغة كافة الأحكام القانونية المنظمة لقواعد ملء وتشغيل سد النهضة ،  و ضمان عدم إلحاق أي ضرر بمصر و السودان     ، لذلك فالقانون الدولي للانهار الدولية أولي اهتماما كبيرا   بوضعية السدود علي الأنهار الدولية كتحدي هندسي وفني كبير  ، من هنا  يجب أن ينزل القانوني الصياغة القانونية المنضبطة علي المسائل الفنية المحضة ، وأن يقف علي حقيقة كل مصطلح فني في ضوء الأصول و القواعد المعتبرة في هذا المجال  ، مثال ذلك مصطلح الجفاف و الجفاف الممتد ، و آلية ربط السدود بين الدول الثلاث ، ومواعيد و كميات تصريف المياه من بحيرة السد ، لذلك يجب أن يصيغ القانونيين بكل وضوح أحكام مثل  هذه  الاتفاقيات في عبارات و ألفاظ لا تحتمل التأويل ، أو اللبس ، مسترشدين  في ذلك برأي أهل الخبرة الفنية ، وأيضا الرجوع إلي ما  ورد النص عليه في اتفاقيات دولية اخري معنية بالسدود و المشروعات المائية .

و فيما يخص التساؤل الآخر عن مدي  التزام إثيوبيا مستقبلا  بذلك الاتفاق وعدم مخالفتها   لبنود اي اتفاق يتعلق بملء و تشغيل سد النهضة  ؟

بعد التوصل إلي اتفاق قانوني شامل ملزم مع إثيوبيا،  وبعد أن يصاغ بطريقة تضمن دقة و رصانة و انضباط أحكامه ، من خلال وضع قواعد واضحة تنظم  كافة استخدامات وتشغيل هذا السد   بما لا يلحق الضرر بمصر و السودان  ،  هنا يأتي تساؤلا كيف  نضمن احترام إثيوبيا مستقبلا لهذا الاتفاق ؟

والاجابة هنا تتضمن بكل بساطة ان أهم اليات احترام إثيوبيا لتلك الاحكام  ، يتمثل في إنشاء لجان  مراقبة فنية و قانونية لمراقبة التزام إثيوبيا قانونيا بهذه الأحكام وفق لوائح فنية معتبرة في مجال تشغيل وإدارة السدود علي الأنهار الدولية  ، إضافة إلي ذلك فلابد من النص الصريح علي  إنشاء آلية لفض التنازع بين الأطراف الثلاث تحكمها مرجعية فنية و قانونية في ضوء بيوت الخبرة الدولية  ( البنك الدولي )   ، وبعد ذلك فلابد من النص في صلب الاتفاق علي حق اي من الأطراف في الذهاب  إلي التحكيم الدولي خلال فترة معينة من نشوب النزاع بعد استنفاذ آلية فض المنازعات لدورها ، علي الا يعلق الذهاب الي التحكيم علي شرط  إجماع و إرادة الدول الثلاث  ، حتي لا  يفرغ النص عن مضمونة .

خلاصة القول ،،،،

يجب ألا نتسرع في إبرام أي إتفاق مع الجانب الاثيوبي  ، وأن نضع في الإعتبار الميراث و  التاريخ الاثيوبي  من خلال  محاولات التنصل من احكام الاتفاقيات الدولية بشأن مياه الهضبة الإثيوبية  ، بل ومياه النيل بصفة عامة ، من خلال تأويل بعض مصطلحاتها ، اوالطعن عليها بذرائع واهية مثال ذلك تفسير معاهدة ١٩٠٢ .

- الأمر الذي يتطلب الوقوف علي تفاصيل أي إتفاق يوقع بشأن ملء وتشغيل سد النهضة ،  و العناية القانونية الدقيقة بصياغة أحكامه .

 حفظ الله مصر من كل شر وسوء

المستشار الدكتور / مساعد عبدالعاطي شتيوي.