كيف نصيغ اتفاقا قانونيا ملزما مع إثيوبيا لقواعد ملء وتشغيل سد النهضة


من الملاحظ ان (مصطلح اتفاق قانوني ملزم ) بات يستخدم في الفترة الأخيرة بكثرة ، وذلك عند الحديث عن مفاوضات سد النهضة و احتمالية توقيع اتفاق قانوني شامل ملزم ، ينظم قواعد الملء و التشغيل لسد النهضة ، الامر الذي يثير عدة تساؤلات من العامة و المتخصصين عن ما هو المقصود باتفاق قانوني ملزم ؟
وأيضا ما هي ضمانات تطبيق واحترام إثيوبيا لبنود اي إتفاق مستقبلا ؟
- في البداية يجب التأكيد علي حقيقة ثابتة وهي ان القانون هو الذي يحكم الواقع الفني والهندسي في حالة سد النهضة ، وليس العكس ، لذلك يجب تفعيل و استخدام قواعد القانون الدولي ، ومن خلال الاضطلاع علي أحكام الاتفاقيات المعنية باستخدامات الأنهار الدولية في غير الاغراض الملاحية ، يتم وضع وصياغة كافة الأحكام القانونية المنظمة لقواعد ملء وتشغيل سد النهضة ، و ضمان عدم إلحاق أي ضرر بمصر و السودان ، لذلك فالقانون الدولي للانهار الدولية أولي اهتماما كبيرا بوضعية السدود علي الأنهار الدولية كتحدي هندسي وفني كبير ، من هنا يجب أن ينزل القانوني الصياغة القانونية المنضبطة علي المسائل الفنية المحضة ، وأن يقف علي حقيقة كل مصطلح فني في ضوء الأصول و القواعد المعتبرة في هذا المجال ، مثال ذلك مصطلح الجفاف و الجفاف الممتد ، و آلية ربط السدود بين الدول الثلاث ، ومواعيد و كميات تصريف المياه من بحيرة السد ، لذلك يجب أن يصيغ القانونيين بكل وضوح أحكام مثل هذه الاتفاقيات في عبارات و ألفاظ لا تحتمل التأويل ، أو اللبس ، مسترشدين في ذلك برأي أهل الخبرة الفنية ، وأيضا الرجوع إلي ما ورد النص عليه في اتفاقيات دولية اخري معنية بالسدود و المشروعات المائية .
و فيما يخص التساؤل الآخر عن مدي التزام إثيوبيا مستقبلا بذلك الاتفاق وعدم مخالفتها لبنود اي اتفاق يتعلق بملء و تشغيل سد النهضة ؟
بعد التوصل إلي اتفاق قانوني شامل ملزم مع إثيوبيا، وبعد أن يصاغ بطريقة تضمن دقة و رصانة و انضباط أحكامه ، من خلال وضع قواعد واضحة تنظم كافة استخدامات وتشغيل هذا السد بما لا يلحق الضرر بمصر و السودان ، هنا يأتي تساؤلا كيف نضمن احترام إثيوبيا مستقبلا لهذا الاتفاق ؟
والاجابة هنا تتضمن بكل بساطة ان أهم اليات احترام إثيوبيا لتلك الاحكام ، يتمثل في إنشاء لجان مراقبة فنية و قانونية لمراقبة التزام إثيوبيا قانونيا بهذه الأحكام وفق لوائح فنية معتبرة في مجال تشغيل وإدارة السدود علي الأنهار الدولية ، إضافة إلي ذلك فلابد من النص الصريح علي إنشاء آلية لفض التنازع بين الأطراف الثلاث تحكمها مرجعية فنية و قانونية في ضوء بيوت الخبرة الدولية ( البنك الدولي ) ، وبعد ذلك فلابد من النص في صلب الاتفاق علي حق اي من الأطراف في الذهاب إلي التحكيم الدولي خلال فترة معينة من نشوب النزاع بعد استنفاذ آلية فض المنازعات لدورها ، علي الا يعلق الذهاب الي التحكيم علي شرط إجماع و إرادة الدول الثلاث ، حتي لا يفرغ النص عن مضمونة .
خلاصة القول ،،،،
يجب ألا نتسرع في إبرام أي إتفاق مع الجانب الاثيوبي ، وأن نضع في الإعتبار الميراث و التاريخ الاثيوبي من خلال محاولات التنصل من احكام الاتفاقيات الدولية بشأن مياه الهضبة الإثيوبية ، بل ومياه النيل بصفة عامة ، من خلال تأويل بعض مصطلحاتها ، اوالطعن عليها بذرائع واهية مثال ذلك تفسير معاهدة ١٩٠٢ .
- الأمر الذي يتطلب الوقوف علي تفاصيل أي إتفاق يوقع بشأن ملء وتشغيل سد النهضة ، و العناية القانونية الدقيقة بصياغة أحكامه .
حفظ الله مصر من كل شر وسوء
المستشار الدكتور / مساعد عبدالعاطي شتيوي.