26 أبريل 2024 18:55 17 شوال 1445
دنيا المال
رئيس التحرير إيهاب عبد الجواد
مقالات

هل يمكن أن يكون السودان وسيطا في نزاع حول سد النهضة الاثيوبي 

دنيا المال

طرح السيد رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك منذ ايام طرحا مفاده ، القيام بزيارة إلي كل من مصر وإثيوبيا، بغية التوسط وعودة المفاوضات بين البلدين بشأن النزاع حول سد النهضة، بعد الانسحاب الاثيوبي المتعمد و المدروس من الجولة النهائية لمفاوضات واشنطن ضاربة عرض الحائط بكل الاعتبارات القانونية و الأدبية التي تحكم مسيرة العلاقات الدولية بين أشخاص القانون الدولي.
وإزاء ذلك الطرح السوداني نجد انفسنا امام عدة أسئلة قانونية بل وسياسية لماذا يسلك السودان الشقيق هذا الاتجاه بدلا من تبني الموقف القانوني السليم في الدفاع عن حقوقه المائية المكتسبة في مياه النيل والتنسيق مع مصر في إعلاء هذه القواعد العرفية الملزمة التي تحمي حقوقهما المشتركة ومن ثم البناء علي مكتسبات جولة واشنطن ؟ ، وأيضا هل الوضعية الحالية للسودان تعطيه السند القانوني في القيام بمهمة الوسيط ؟ ومن الاسئلة المطروحة ايضا هل السودان عليه التزامات قانونية تلزمه بالتنسيق مع مصر فيما يخص التعامل مع دول منابع النيل ام هو حر طليق ؟.

في البداية يجب التأكيد علي ان التمعن في نزاع سد النهضة نجد ان التوصيف القانوني الصحيح للسودان الشقيق في هذا النزاع انه يعتبر ( طرفا أصيلا فيه و سيلحقه ضررا بالغا في حالة بناء السد بعض النظر عما سيحققه من مصالح اقتصادية لا تقارن بخطورة وحجم تلك الأضرار وأهمها اختفاء العاصمة الخرطوم لا قدر الله في حالة انهيار السد ) ، وبالتالي فان وضعية السودان هذه تتعارض تماما مع مكانة الوساطة في القانون الدولي العام ، وما تتطلبه من شروط الوسيط أهمها توافر شروط ( الحيدة و ان يقف علي مسافة واحدة من أطراف النزاع .....) ، واما فيما يخص وجود التزامات قانونية علي السودان تلزمه بالتنسيق المباشر والكامل مع مصر في التعامل مع دول منابع النيل ام انه حر طليق يتصرف بكامل إرادته المنفردة ، تكفي الإشارة هنا إلي وجود التزامات قانونية خاصة وليست العامة تلزم السودان بالتنسيق المباشر والكامل مع مصر في التعامل مع دول منابع مستقبلا ، وعلي رأس هذه الأمور ضرورة الالتزام بالتنسيق المشترك بينهما فيما يتعلق بتبعات سد النهضة والأساس والسند القانوني هنا هي الاحكام القانونية التي جاءت بها اتفاقية 1959 والموقعة بينهما والتي تقضي ( خصم اية كميات يكون مناصفة بين مصر والسودان ) ، وتعد اتفاقية 59 من اهم نماذج الاتفاقيات الدولية في مجال التعاون الثنائي في المجالات الفنية و القانونية بشأن استخدام الأنهار الدولية المشتركة ، كما تحظي هذه الاتفاقية بتوافر كافة الشروط الشكلية و الموضوعية المتطلبة لصحة ونفاذ الاتفاقيات الدولية بموجب ( احكام اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات الدولية لعام 1969 ) ، وبعد كل ذلك نخلص إلي أن السودان هو طرفا أصيلا في النزاع حول سد النهضة بل سيلحقه أضرارا كارثية في حالة انهيار السد بعد اكتمال التخزين به ، فضلا عن هناك التزامات قانونية صريحة تلزم السودان بالتنسيق المباشر والكامل مع مصر في التعامل مع دول منابع النيل ، بل وخصم اية كميات من المياه مناصفة في حالة تشغيل السد ،
ولما كان الثابت ان ما يجمع شعبي وادي النيل من روابط ووشائج كثير و لا يحصي ، يكفي المصير المشترك بينهما و الرابط بينهما نهر النيل، لذا نرجو أن تضع حكومة السودان الشقيق في اعتبارها علي الاقل حجم الأضرار الكارثية المحتملة في حالة انهيار السد علي الشعب السوداني الشقيق ، ويكفي ان نشير هنا الي ان اثيوبيا لم تقم حتي الان بتقديم الدراسات الفنية لهذا السد الضخم كما أنها تقوم بالتغيير والتبديل في المواصفات والمقاييس الفنية للسد من تلقاء نفسها دون اكتراث بأية التزامات قانونية أو تبعات قد تصيب مصر و السودان نتيجة اكتمال بناء السد ، لذلك حتي لو تنازل السودان عن التمسك بالمبدأ القانوني الوارد في متن الاتفاقية الإطارية للأمم لقانون استخدامات الأنهار الدولية في غير الاغراض الملاحية لعام 1997 وهو مبدأ ضمان سلامة المنشآت الهندسية المقامة علي انهار دولية ، فانه يجب أن يعي أن انهيار السد تحت أي سبب سيكون مهددا لوجود الخرطوم لا قدر الله وذلك بموجب التقارير العلمية الهندسية و الفنية الدولية للمزيد راجع : ( تقرير اللجنة الدولية للخبراء ، تقرير جامعة يورك الأمريكية ، تقرير كلية الهندسة جامعة القاهرة....) .

المستشار الدكتور /مساعد عبدالعاطي شتيوي.

مصر السودان اثيوبيا سد النهضة