دكتور سعيد البطوطي يكتب .. حرب غزة و إنهيار الاقتصاد الإسرائيلي

منذ بداية الحرب في على غزة، انهارت قوة إسرائيل الاقتصادية، ويخشى الخبراء الاقتصاديون في إسرائيل أن تكون هذه مجرد البداية.
الوضع متوتر منذ 7 أكتوبر، وهناك استياء كبير من سياسات الحكومة، وكثيرا ما تحدث اشتباكات مع الشرطة أثناء الاحتجاجات - وهذا يجعل الناس متوترين.
حالة الاقتصاد ليست مطمئنة تماما أيضا. ففي نهاية العام الماضي، انخفض الناتج المحلي الإجمالي بسبب الحرب بنسبة 5.2% مقارنة بالربع السابق، إضافة إلى أن الحكومة قامت بتجنيد الكثير من الناس وخاصة الشباب في الخدمة العسكرية مما أثر بشكل كبير على قوة العمل في البلاد.
كما اضطر ما يصل إلى 220 ألف شخص يعيشون بالقرب من الحدود في شمال وجنوب البلاد إلى الفرار أو مغادرة منازلهم، وتم تسريح العمال من الضفة الغربية ودول أخرى، وانهارت السياحة.
حالة عدم اليقين مرتفعة للغاية. وتم إطلاق سراح العديد من المجندين في بداية العام، لكن النازحين لم يعودوا بعد إلى منازلهم القريبة من الحدود. السياحة في وضع صعب، وقد تم مؤخرا تجنيد المزيد من الرجال مرة أخرى؛ وتحتفظ الحكومة بسرية الأرقام الدقيقة.
توقعات النمو الاقتصادي للعام الحالي تتراوح +-2% ، ويرى الخبراء الاقتصاديون في جامعة تل أبيب أن هناك خطرا اقتصاديا كبيرا آخر، خاصة مع احتمالية خسارة إسرائيل قطاع التكنولوجيا الفائقة وهو الأمر بالغ الأهمية لاقتصادها، والتي في حالة خسارة تلك الصناعة ستكون مهددة بالتحول إلى دولة نامية.
فقطاع التكنولوجيا الفائقة مسؤول عن 17% من الناتج الاقتصادي للدولة وأكثر من نصف صادراتها، و 90% من الشركات تعتمد على الاستثمارات من الخارج والتي هي حاليا في تراجع مطرد.
هناك أمر آخر مثير للخوف أيضا لوجود كتلتين دينيين كبيرتين في إسرائيل: اليهود الأرثوذكس والشعب العربي - الذين يشكلون معا حوالي ثلث السكان ويعملون في الغالب في قطاعات اقتصادية ذات إنتاجية منخفضة، ويعتمدون على المساعدات الحكومية ويمثلون عبء على اقتصاد الدولة.
وضع الميزانية حاليا حرج، ويتوقع البنك المركزي الإسرائيلي عجزا بنسبة 6.6% خلال العام الحالي 2024 ، وأيضا هناك خطر من أزمة ديون ، حيث الكثير من الإنفاق الضريبي يتدفق الآن إلى المؤسسة العسكرية - ولكن الخبراء يتوقعون أنه في أسوأ الأحوال لن ترتفع نسبة الدين كنسبة من الناتج الاقتصادي إلا إلى حوالي 66% كحد أقصى على الرغم من العجز.
عيران ياشيف Eran Yashiv الخبير الاقتصادي والمحاضر في جامعة تل أبيب يرى أن الحكومة ارتكبت أخطاء جسيمة في التصرف وفي السياسة الاقتصادية، وحتى الآن يقود هذا حزب الليكود الائتلاف ويرتكب الكثير من الأخطاء - وضرب مثل بأن أحدث مثال على ذلك هو الميزانية التي تم إقرارها للتو. فعلى الرغم من أن الدولة لديها وضع حرج بسبب الحرب، إلا أن الحكومة قامت بأعمالها كالمعتاد ولم تقم بتعديل الضرائب بشكل كافٍ ووزعت الأموال وفقا لمصالحها كما هو مخطط لها، وهذا سوء إدارة يضعف الإنتاجية وبالتالي يرى أن هذه الحكومة تعرض البلاد للخطر بطرق عديدة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الدكتور سعيد البطوطى

أستاذ الاقتصاد الدولي الكلي واقتصاديات السياحة - بجامعة فرانكفورت

ممثل ألمانيا بالمجموعة الاستشارية للمفوضية الأوروبية، ولجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لأوروبا