2 أكتوبر 2025 23:12 9 ربيع آخر 1447
دنيا المال
رئيس التحرير إيهاب عبد الجواد
مقالات

دكتور سعيد البطوطي يكتب لـ دنيا المال عن ... « الفساد »

الدكتور سعيد البطوطي
الدكتور سعيد البطوطي

الفساد يقوض الثقة ويضعف الديمقراطية ويعيق التنمية الاقتصادية ويزيد من تفاقم عدم المساواة والفقر والانقسام الاجتماعي والأزمة البيئية.

والفساد Corruption عرفته منظمة الشفافية العالمية Transparency International (TI) التي مقرها مدينة برلين بألمانيا بأنه "سوء استخدام السلطة الموكلة واستغلالها من أجل تحقيق المكاسب والمنافع الخاصة".

اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد التي اعتمدت من قبل الجمعية العامة في 31 أكتوبر 2003 بالقرار رقم 58/4 وتم التوقيع عليها من قبل 140 دولة أعضاء في الأمم المتحدة من بين 193 إجمالي الدول الأعضاء، بالرغم من أنها لم تتطرق لتعريف الفساد، لكنها جرمت حالات الفساد التي حددتها فيما يلي:

• السياسيون الذين يسيئون استخدام المال العام أو يمنحون وظائف عامة أو عقودا لمحاسيبهم أو أصدقائهم أو عائلاتهم؛

• رشوة الموظفين العموميين الوطنيين والتي قد تكون في صورة مال أو ميزة مكتسبة؛

• رشوة الموظفين العموميين الأجانب وموظفي المؤسسات الدولية العمومية؛

• اختلاس الممتلكات أو تبديدها أو تسريبها بشكل آخر من طرف الموظف العمومي؛

• المتاجرة بالنفوذ والابتزاز؛

• إساءة استغلال السلطة والوظيفة؛

• الإثراء غير المشروع؛

• الشركات التي تقوم برشوة المسؤولين للحصول على صفقات؛

• الرشوة واختلاس الممتلكات في القطاع الخاص؛

• غسيل الأموال الناتجة عن العائدات غير الشريفة؛

• إخفاء الحقيقة وفساد البيانات أو المعلومات؛

• إعاقة سير العدالة؛

• فساد الظل، بمساعدة عوامل التمكين المهنية مثل المصرفيين والمحامين والمحاسبين ووكلاء العقارات والأنظمة المالية غير الشفافة التي تسمح لمخططات الفساد بالازدهار والفساد لغسل وإخفاء الثروات غير المشروعة.

كما أن الفساد يتضمن أيضا أبسط الأمور والتي يأخذ فيها الفرد حق الآخرين، والتي قد تكون في أشكال بسيطة يتم استسهالها، مثل أن تحاول أن تأخذ دور من يتقدمك في الانتظار أو تحاول أخذ حق الآخرين بأي شكل من الأشكال.

هناك أيضا عمليات فساد كبيرة ترتكب من قبل مسؤولين رفيعين في دول عدة تتمثل في سرقات واسعة النطاق للأموال العامة وبشكل عابر للحدود الوطنية إلى انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان.

تقرير منظمة الشفافية الدولية يظهر أن خطط الفساد تلك، والتي تتلقى التسهيلات في كثير من الأحيان من اقتصادات متقدمة، تحقق درجات عالية على مؤشر مدركات الفساد، وتُفاقم القمع من خلال السماح للمستبدين بفعل ما يلي:

• التمتع بالأموال المنهوبة من خلال استخدام مصرفيين متواطئين ومحامين ووسطاء عقاريين في مراكز مالية كبرى، حيث يستطيع الفاسدون تخزين مكاسبهم غير المشروعة، ومكافأة أزلامهم والمقربين منهم وتركيز السلطة في أيديهم بشكل أكبر.

• تبييض سمعتهم في الخارج من خلال رشوة السياسيين الأجانب واستخدام شركات علاقات عامة غربية وجماعات ضغط، فإن الأنظمة الاستبدادية والناهبة تخفف الضغوط الدولية على سجلها في مجال حقوق الإنسان.

• تجنب المساءلة، ومن خلال إساءة استخدام الشركات السرية والاستثمارات مجهولة المالك، يمكن للفاسدين إخفاء مخالفاتهم عن أجهزة إنفاذ القانون أو الهيئات القضائية والنجاة من التبعات.

وبحسب منظمة الشفافية الدولية؛ من أجل وضع حد للحلقة المفرغة للفساد وانتهاكات حقوق الإنسان وتراجع الديمقراطية، ينبغي على الناس مطالبة حكوماتهم بالقيام بما يلي:

(1) ضمان الحقوق اللازمة لإخضاع السلطة للمساءلة: ينبغي على الحكومات رفع أي قيود غير متناسبة على حرية التعبير، كما يجب جعل ضمان تحقق العدالة ضد الجرائم الواقعة على المدافعين عن حقوق الإنسان أولوية عاجلة.

(2) استعادة وتعزيز قوة الضوابط المؤسساتية المفروضة على السلطة: ينبغي أن تكون هيئات الرقابة العامة مثل هيئات مكافحة الفساد والمؤسسات الرقابية العليا مستقلة، وتتمتع بالموارد الكافية وقادرة على اكتشاف المخالفات ومعاقبتها. كما ينبغي على مجالس النواب والمحاكم أن تكون متيقظة أيضاً لمنع تجاوز السلطة التنفيذية لصلاحياتها.

(3) مكافحة الفساد العابر للحدود الوطنية: إن حكومات الدول المتقدمة بحاجة لإصلاح نقاط الضعف الكامنة في منظوماتها والتي تسمح بحدوث الفساد العابر للحدود الوطنية دون أن تتمكن من اكتشافه أو معاقبته. ويجب أن تسد جميع الثغرات القانونية، ووضع الضوابط على الجهات التي تمكّن من ارتكاب الجرائم المالية، وضمان عدم تمكن الفاسدين والمتواطئين معهم من النجاة من العدالة.

(4) ضمان الحق في الوصول إلى المعلومات المتعلقة بالإنفاق الحكومي: يجب على الحكومات الوفاء بالتعهدات الواردة في الإعلان السياسي للجمعية العامة للأمم المتحدة بتضمين ضوابط مكافحة الفساد في عمليات المشتريات العامة. إن تحقيق أقصى درجات الشفافية في الإنفاق العام يحمي حياة الناس وسبل عيشهم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بقلم الدكتور سعيد البطوطى

أستاذ الاقتصاد الدولي الكلي واقتصاديات السياحة - بجامعة فرانكفورت

ممثل ألمانيا بالمجموعة الاستشارية للمفوضية الأوروبية، وبلجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لأوروبا

الدكتور  سعيد البطوطى  أستاذ اقتصاد السياحة  جامعة فرانكفورت دنيا المال