26 أبريل 2024 20:55 17 شوال 1445
دنيا المال
رئيس التحرير إيهاب عبد الجواد
مقالات

«أم فؤاد ».. بقلم أشرف حمودة

دنيا المال

اصحى يانايم ..وحد الدايم ..رمضاااااان كررررررريم ، كان يرددها عم " زكريا " المسحراتى على وقع دقات طبلته ويرافقه صبى لايتعدى العشرة أعوام حيث أنه كان ضرير ، وكان يمر بحارة الكرمانى ثم عطفة جاويش ثم حارة حسنى ، ومنافذ البيوت مفتوحة حيث كان الجميع يستعدون للسحور ، وكانت دهشتى حين كنت صبيا من رؤية " أم فؤاد " تصحو على وقع طبلة عم زكريا ..فهى مسيحية ولاتصوم رمضان ، وكان تقوم بعمل كعك العيد مثلنا وتعطى عم زكريا " نفحة العيد " كما كان يسميها ، وكنت أسأل أمى دائما : ليه أم فؤاد بتصحى فى السحور؟ وكانت الاجابة : مفيش فرق ياابنى كلنا واحد .وعرفت فى ذلك الوقت لماذا كانت شقيقتى بجلب أشياء من السوق لأم فؤاد وهى تشترى حاجياتنا .
كانت تعرفنى جيدا حين كانت تجلس بشرفة منزلهم بالدور الأول وتداعبنى بابتسامة حانية وتنادى على لأحظى ببعض قطع الحلوى منها .
وأذكر ذلك اليوم فى المساء كان هناك أناسا كثيرين بمنزلهم حين دخلت صالتهم ورأيت رجلا ذو ذقن طويلة
وكاب أسود يتدلى من رقبته صليب خشبى ويقوم بتمتمات لاأدرك معناها وهو يضع يده فوق رأس " فؤاد" وتارة أخرة على فتاة بجواره ادركت أنها العروس ..وهذه ليله زفاف والعروس كانت تلبس تاجا مرصعا بفصوص تعكس لمعانا مع ضوء اللمبات الملونة المعلقة بسقف الصالة ، وشعرت أنها ملكة يتوجها هذا العجوز الواقف ، وشى بداخلى جعلنى التقط التاج من فوق رأسها وأهرب مسرعا داخل منزلنا لألقى نظرة على تفاصيله واعيده مره اخرى ولكن نشبت أزمة وجاء بعض الحضور لمنزلنا ليحصلوا على التاج ولكنى فررت مسرعا الى داخل منزل " الست فريال " المواجه لنا ذو الباب الخشبى وعليه يد مصنوعة من الحديد على هيئة رأس إنسان من عصر المماليك فدققت بها على الباب ففتحوا من خلال حبل ممدود للنافذة العلوية وصعدت درجات السلم مسرعا ووجدنى أمام " الست نعيمة و " شقيقتها فريال و قد قاربت من الستين عاما ولم تتزوج ، وكانت جالسة على سجادة قديمة وأمامها موقد كحول صغير وبعض فناجين القهوة ، وشعرت أنى اصبحت بحماية فى تلك القلعة ، فلم يكن منزلا عاديا فمنافذه تحيط جدارن المنزل من داخل الفناء وظللت ممسكا بتاج عروس " فؤاد " ونظرت من الشباك لألقى نظرة على منزلنا لأتابع مايحدث ومن جاء ليبحث عن التاج ، ولم يدر بذهنى فى تلك اللحظات سوى هذا الرجل ذو العباءة السوداء ويطلق البخور فوق راس العروسين ، ففى أفراح اخرى لجيراننا لم اشاهد مثله ، ولم اعتاد سوى رؤية الشيخ ذو العمامة الملفوفة حول طاقية فوق رأسه حاملا دفتر يفتحه ويوقع عليه العروسان وتنطلق الزغاريد وعبارات التهنئة المتبادلة بين جميع الحضور ، اذا لما أرى رجلا مختلفا فى زفاف " فؤاد " ، وأين الدفتر الذى يوقع عليه العروسان ..وفى هذه الأثناء سمعت همهمات على باب منزل الست " فريال " فقد عرفوا انى اختبأت هنا ونادانى أحدهم أن احضر التاج واذهب معهم لاستكمال مراسم الزفاف ومضيت معهم الى هناك ووضعت التاج على رأس العروس والرجل ذو العباءة السوداء يربت على رأسى مبتسما وانتهت المراسم وعدت لمنزلنا حاملا بعض الحلوى ولم أنتبه اننا لازلنا فى شهر رمضان الا حين جاء عم زكريا المسحراتى المسحراتى يدق على الطبلة كعادته مناديا على سكان الحارة ، ونظرت من الشباك فوجدت " أم فؤاد " تتتبعه بنظراتها وهو يردد . رمضان كريم ..اصحى يانايم ..كلنا واحد ..ياموحد الواحد ..وحد الرزاق ..اصحى ياسى أنور .. اصحى ياحاج سعد ياغزاوى . اصحى ياطلعت .. ياميمى .. ياحنفى . . يافؤاد .. ياسامى ...
وخفت الصوت الى خارج ميدان السيدة زينب

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الكاتب الصحفي : أشرف حمودة .. من أبناء حي السيدة زينب " حي قناديل النور "

«أم فؤاد ».. بقلم أشرف حمودة