19 مارس 2024 08:29 9 رمضان 1445
دنيا المال
رئيس التحرير إيهاب عبد الجواد
مقالات

أ.د. عبدالرحمن الوهابي يكتب : «مخرجات التعليم/ الفرص الوظيفية»

دنيا المال

هناك دول كثيرة عانت وتعاني من هاتين القضيتين، منها من نجح وتجاوز سلبياتهما بنسب عالية، ومنها من يحاول ذلك، ومنها من يقدم خطوة للأمام وأخرى للوراء. والواقع الحالي للدول العربية، يحكي مدى الهوة التي تعيشها اقتصادياتها، والشكوى من الفساد المتنوع، والتحزبات الفئوية، والطائفية.إن ما بعد العولمة، والتقدم العلمي، والتعقيد المجتمعي يدلل على تضاعف المخاوف المستقبلية للأجيال. والتعليم والصناعة قادران على توفير بيئة فكرية واقتصادية تحتضن الاستقرار شريطة إبعاد الرأسمالية المتطرفة واستحضار التخطيط السليم وتنفيذه، وإلا فإن الحلول ستكون على غير المتوقع والمأمول فتزداد كرة الثلج ضخامة وخطورة.
- هناك تجارب كثيرة لتطوير مجتمعات ليس لديها حتى موارد طبيعية تذكر، توجهت بخطط تنموية اعتمدت على المراقبة والمحاسبة وتشغيل الكفاءات والاستعانة بالخبرات. والقرن العشرين وحده قبل وبعد الحربين العالميتين يحكي كثيرا من هذا، وتلازم كل من التطوير التعليمي والتوجه الصناعي.
- نحن في المملكة –على سبيل المثال- نواجه تحديات مستقبلية، يعلن عنها رسميا، فالتعداد السكاني حاليا نحو 34218169 يمثل الوافدون -المشاركون في التنمية بلا شك- ما نسبته نحو 38.3 %.
- تعد رؤية 2030 خطة تنمية أولتها الدولة أهمية قصوى، وهناك تنظيم لمراجعات سنوية وربع سنوية، ومع ذلك فهناك ملاحظات في التفعيل من بعض الجهات التنفيذية وصولا للمستوى المأمول.
- عدد الباحثين عن العمل حسب تقديرات هيئة الإحصاء الرسمية لعام 2019 يزيد عن المليون 1,002,855.
- هدفت الرؤية بداية عام 2015 إلى خفض معدل البطالة من % 11.6 إلى 7 % لمرحلة تنفيذها.
- الوظائف الشاغرة مرحليا تقدر بنحو 12,857,032 يمثل السعوديون نحو 3,090,248، وهناك مهن مختلفة، من المستحيل، بل ومن السلبي الاستغناء عن الكثير منها، بخاصة النوعية أو الخدمية.
- توقع زيادة طلب فرص العمل الوظيفية أمر محتوم، وهو متوقع منذ سنين طويلة، بخاصة مع تزايد عدد السكان المطرد.
- التعليم العام يظل في حاجة لتطويره، وتكوين بيئة بشرية عمالية منه، وحاجة إنشاء مقررات مهنية، ورفع مستوى شهاداته لتتساوى والتعليم العالمي المتقدم أمران ملحان، وليس من الضروري أن يلتحق بالجامعة أكثر من أنهى هذا التعليم، ومهم التوعية في هذا الجانب، مع ضرورة وضع فرص تدريبية ومهنية مفتوحة لهذه الشريحة والإفادة منها وتحقيق طموحها ومشاركتها.
- برامج الجامعات عليها ملحوظات كثيرة، من حيث التقليدية وبطء التحديث، وكثرة أعداد متخرجي الكليات النظرية، وهناك هوة بين مخرجات الجامعات ومواءمة ومهارات ومتطلبات سوق العمل وحاجاته، بخاصة المستقبلية، وضعف في توفير التدريب الجيد حتى للمتخرجين من الكليات العلمية.
- القضية ليست في الأنظمة بقدر ما هو في التطبيق، فأنظمة الجامعات وأعرافها العالمية معلومة وليست انتقائية، ولدينا خبرات متقدمة، وحاجات المجتمع متطورة، وهي كالشمس في الظهيرة الصحراوية.

مقترحات للحلول من التجارب:
- مصنعة المجتمع: هذا بعد إستراتيجي مهم، والمخرج للتنمية الإيجابية، لأي دولة ومجتمع، حيث تتوافر وتتنوع فرص العمل ويتوجه التعليم نحو خدمة هذا المسار. وإنشاء مجتمع صناعي وعمالي هو أهم الحلول المصيرية الممكنة، وهذا يلزم بالضرورة تطوير منظومة التعليم العام والجامعي دون تأخير مع مقارنة عالمية متقدمة، علما أنه حتى مع تطوير التعليم ومخرجاته فتحديات فرص التوظيف قائمة إن لم يتم توسيع نطاق مصنعة المجتمع بصورة كبيرة.
- برنامج التدريب (تجنيد) الإجباري: أي أن يكون هناك برنامج لمدة ستة أشهر يتضمن تدريبا نفسيا ورياضيا ودورات تأهيلية في التنظيم والإنجاز والجودة وتحمل المسؤولية، ويقدم هذا التدريب من جهات عسكرية ومدنية، يستهدف متخرجي الثانوية والجامعة، ويكون شرطا للتوظيف. هذا التصور أو ما قد يشابهه ضرورة مجتمعية ملحة، لبناء الشخصية، وتعزيز المسؤولية، فهناك خلل واضح لا يمكن إنكاره في التركيبه المجتمعية، لسياقات عدة. وهذا البرنامج لا يعني عسكرة المجتمع بقدر ما يهدف لبناء الهوية، والكفاءة، وتعزيز الوطنية، وتحمل المسؤولية، وتأهيل القدرات النفسية والأدائية.
- إنشاء مراكز تدريب: تؤسسها الحكومة تغطي المناطق، ينظم إليها طالبوا الوظائف، يشغلون أوقاتهم، ويطورون مهاراتهم، تقوم الشركات الكبرى، وقطاعات الجيش، والجامعات على إنشائها، مع تقديم مكافآت مالية حتى يتم التوظيف.
- قيام المشاريع الكبرى: إن القدرات والمقدرات تستدعينا أن ننظر للمستويات التي تليق بها، وهو المأمول بإذن الله. وتظل المشاريع الكبيرة والصناعية، هي غيث النماء الاقتصادي السليم وتوافر فرص العمل لأي دولة أو مجتمع معاصر.

أ.د. عبدالرحمن الوهابي