19 مارس 2024 04:59 9 رمضان 1445
دنيا المال
رئيس التحرير إيهاب عبد الجواد
أمن قومي

عدوان ثلاثي جديد على مصر بتحالف ( إسرائيلي إثيوبي تركي )

دنيا المال
  • تفاصيل المساعدات العسكرية والسياسية الإسرائيلية لإثيوبيا للوقوف ضد مصر
  • جولدا مائير: إن التحالف مع )إثيوبيا وتركيا( يعني أن يصبح ) النيل والفرات ( في قبضتنا .
  • إسرائيل أسست سلاح الجو الأثيوبي وأشرفت على التدريب في الكلية الحربية الاثيوبية .
  • هجرت يهود الفلاشا لتحفر بهم مجرى يربطها بالنيل في إثيوبيا .
  • ضغطت على العديد من دول حوض النيل للموافقة على اتفاقية ( عنتيبي ) وحصار الموقف المصري .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كتب : إيهاب حسن عبد الجواد

باحث في الشئون الاسرائيلية والقانون الدولي

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

"إن التحالف مع (إثيوبيا وتركيا) يعني السيطرة على أكبر نهرين في المنطقة  وأن (النيل والفرات) سيكونان في قبضتنا"  بهذه الكلمات كشفت جولدا مائير رئيسة وزراء الاحتلال الإسرائيلي في أعقاب نكسة 1967م . عن آلية تحقيق حلم إسرائيل الكبرى بالاستيلاء على أرض مصر والعراق إلى جانب فلسطين بل وماهو أكثر من ذلك من منطلق الوعد الإلهي المزعوم الذي تقرأه يوميا أثناء صلواتها في التوراة المحرفة ( الفقرة 18 الإصحاح 15 من سفر التكوين ) " في ذلك اليوم قطع الرب مع أبرام ميثاقا قائلا: لنسلك أعطي هذه الأرض، من نهر مصر إلى النهر الكبير، نهر الفرات".

 

فمنذ البداية والفكرة الصهيونية الأساسية لقيام إسرائيل الكبرى تتمثل في بناء دولة قوية تمتد من (النيل للفرات) وهو مايفسر محاولات (تيودورهيرتسل)، أحد أباء الحركة الصهيونية التفاوض مع (اللورد كرومر) لتحويل جزء من مياه النيل إلى سيناء؛ وتسكين اليهود فيها.

لذلك لجأت إسرائيل إلى التدخل سياسيًّا في إثيوبيا؛منذ خمسينيات القرن الماضي  للتأثير على العلاقات المائية التي تربطها بدول الْمصب خاصةً مصر، وللإضرار بأمن مصر المائي والقومي .

ففي أعقاب العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 إندفعت إسرائيل نحو إقامت علاقات مع الدول الإفريقية سياسية وإقتصادية وإجتماعية دينية وأخذ معدل التبادل التجاري بينها وبين غرب إفريقيا ينمو بشكل كبير وقد ساعد على ذلك إقامة خطوط ملاحية مباشرة ( شركة تسيم) بين إسرائيل وغرب إفريقيا واتخذت من العاصمة الليبيرية ( منوروفيا) مركزا رئيسيا للشبكة الملاحية الأفروإسرائيلية ومن المعروف أن ليبريا هي ثالث دولة في العالم وأول دولة إفريقية تعترف بإسرائيل وأنها وإثيوبيا كانتا تتعاطفان مع إسرائيل في عهد ( الإمبراطور الأثيوبي هيلاسلاسي والرئيس الليبيري توبمان ) .

حتى مارس 1957 ظلت علاقات إسرائيل مع الدول الإفريقية مقصورة على( ليبريا وإثيوبيا ) بالرغم من ذلك كانت إسرائيل صاحبة أول سفارة في أكرا بغانا بعد استقلالها بشهر واحد ساعد على ذلك العلاقات بين الاتحادات العمالية . ولعبت السفارة الإسرائيلية في أكرا دورا كبيراً في تدعيم العلاقات الإسرائيلية بإفريقيا فتم فتح سفارتين في (منورفيا وكونكاري ).

وفي عام 1958 قامت جولدا مائير وزيرة الخارجية الإسرائيلية وقتها بزيارة لأفريقيا واجتمعت بقادة كل من (ليبريا وغانا والسنغال ونيجيريا وكودت ديفوار) . وفي عام 1959 قام قادة هذه الدول بزيارات لإسرائيل إلا أن علاقات إسرائيل بإفريقيا أزدادت بوتيرة عالية منذ 1961 حتى 1967 فزارت جولدا مائير إثيوبيا عام 1964 .. ونجحت إسرائيل في تغذية علاقاتها مع إثيوبيا بعوامل تاريخية لم تختر على بال قادة وزعماء مصر وقتها فجأت فكرة تعميق الارتباط بيهود (الفلاشا )والإدعاء بأنهم من نسل سيدنا سليمان عليه السلام  بل وعملت إسرائيل على تغذية فكرة الخوف الاثيوبي من المد العربي وتقوية علاقتهما للمحافظة على مصالحهما في البحر الأحمر بالاضافة إلى التبعية الأمريكية وكللت إسرائيل ذلك بتعاون عسكري أسفر عن تدريب طياري إثيوبيا وتأسيس سلاح الطيران الأثيوبي وتأسيس الكلية الحربية والإشراف عليها ، وإمداد إثيوبيا بالمعدات العسكرية وتبادل المعلومات الأمنية وإنشاء مراكز ومكاتب التجسس على إفريقيا في إثيوبيا .

ثم إنتقلت إسرائيل إلى مرحلة التضييق والتحريض على "جمال عبد الناصر " ووالتي بدأت بالضغط على دوائر اتخاذ القرارفي الولايات المتحدة الأمريكية لرفض تمويل مشروع السد العالي بل وتحريض إثيوبيا للإعتراض على مشروع السد العالي وصولاً إلى قيام الشركات الأمريكية بعمل دراسات حول الاستفادة من مياه النيل وإقامة السدود في اثيوبيا  بالتعاون مع الشركات الإسرائيلية .

وقد فطن الزعيم الراحل الرئيس عبد الناصر لهذا مبكرا ففرض حصارا ودعم وسائل تسببت في مقاطعة إفريقية للدولة الصهيونية قبل حرب عام 1967و بلغت المقاطعة ذروتها في حرب أكتوبر عام 1973 حينما قطعت غالبية الدول في القارة السوداء علاقاتها الدبلوماسية والاقتصادية مع إسرائيلفي عهد الرئيس البطل محمد أنور السادات  لكن بعد اتفاقيات "كامب ديفيد " حدث تراخي عربي بشكل عام، ومصري بشكل خاص في الحفاظ على العلاقات مع إفريقيا. وهذا ساعد دولة الاحتلال الإسرائيلي في بسط نفوذها و استغلال الاتفاقية مع مصر، لإعادة تسويق نفسها في أفريقيا من خلال تقديم كافة أنواع الدعم الاقتصادي، المخابراتي، والتعاون في إقامة المشروعات الاقتصادية والعسكرية بل ودعم حركات التمرد بالأسلحة .

ثم بدأت إسرائيل بأكبر عملية لبسط نفوذها في إثيوبيا بالإعداد لتهجير عدد من يهود الحبشة ( الفلاشا) بل وتهجير المسيحين الأثيوبيين الفقراء الذين تهودوا للهروب من الفقر والسفر إلى إسرائيل لتجعل منهم شوكة في ظهر مصر وأداءة لزيادة الارتباط بين هؤلاء (اليهود الأحباش  في إسرائيل وبين جذورهم وأقاربهم في إثيوبيا وقت نشوب الصراع الذي ستغذيه مستقبلاً .. بعد تدريب عناصر وكوادر إثيوبية داخل أجهزتها الأمنية والسياسية والعلمية والدفع بهم مرة أخرى إلى إثيوبيا بعد ضمان ولائهم لإسرائيل للقيام بخدمات جليلة لدولة الاحتلال عقب توليهم المناصب داخل الشركات والمؤسسات الكبرى من خلال علاقات جهاز الموساد في إثيوبيا .

اتضحت العلاقات الإسرائيلية الإثيوبية بشكل علاني مع تولي ( ميلس زيناوي ) رئاسة الوزارة الإثيوبية، المعروف بولاؤه الشديد لإسرائيل وعداءه الشديد لمصر ومعارضته للسياسات المصرية في القضايا المائية والحقوق التي تدافع عنها باستمرار.

والذي قام بدوره بزيارة إسرائيل في عام 2003م ومن ثم لحقته الزيارات من رؤساء وزارت  في إسرائيلي، مثل " سيلفان شالوم " ومن بعده أيضا ( بنيامين نتنياهو ) الذي قام بزيارة عدة دول إفريقية ليتمكن من إقناعهم بالموافقة على إنضمامه كعضوًا مراقبًا في الاتحاد الإفريقي، بالإضافة لتبادل الزيارات بين كبار المسؤولين من كلا الطرفين للدرجة التي أصبحت فيها كل من إثيوبيا وإسرائيل حليفتين متقاربتين تحقق كل منهما مصلحة الطرف الآخر.

الموقف الإثيوبي ضد مصر لم يأخذ هذا التصعيد إلا في أعقاب زيارات وزير الخارجية الإسرائيلي الإرهابي " أفيغادور ليبرمان "  والتي سعى من خلالها إلى تعزيز الوجود الإسرائيلي في إثيوبيا خاصة وفي بقية دول أعالي حوض النيل عامة وعلى الأخص الدول التي ترتبط بمحور أمني وسياسي واقتصادي واحد (كينيا إثيوبيا أوغندا) بتوقيع  سلسلة من الاتفاقيات العسكرية والأمنية واتفاقيات في مجال الكهرباء و الري والزراعة بما فيها إقامة المزيد من السدود .

ووفقا لوسائل الإعلام الإسرائيلية فقد ضم وفد وزارة الخارجية ممثل عن شعبة المساعدة العسكرية  بوزارة الدفاع الإسرائيلية المعروفة باسم (سباط) ، وممثلين عن صناع وتجار السلاح في إسرائيل .كما ضم الوفد أيضا ممثلين عن الشركات العاملة في مجال مشاريع البنية التحتية والتنمية والمياه والكهرباء. وقد التقى ليبرمان خلال زيارته برئيس الوزراء الإثيوبي السابق " ميلس زيناوي " حيث أكد له على اصرر إسرائيل على استمرا دعمها لإثيوبيا في مجالات التكنولوجيا الحيوية وطرق تخزين المياه ومكافحة مرض الإيدز ، ورغم إعلان ليبرمان أن الغرض من الزيارة تقوية العلاقات السياسية الإسرائيلية  بالقارة السمراء  وطرق الأبواب لفتح مجالات التعاون الاقتصادي المشترك .إلا أن صحيفة هآرتس الإسرائيلية علقت على الزيارة قائلة " تصريحات وزير الخارجية مرصوفة بالنوايا الحسنة لكن التجربة أثبتت ضعف وزارة الخارجية أمام وزارة الدفاع ولوبي مصنعي وتجار الأسلحة الذين  تحكموا على مدار عقود طويلة في مسار التحركات السياسية وفقا لمصالحهم الخاصة .وقد تكررت هذه الزيارة عام 2011 لنفس الدول بالإضافة إلى جنوب إفريقيا والسودان ..خلال تلك الزيارات المسمومة عمل هذا الإرهابي المتطرف ــ الذي دعا يوما إلى ضرب السد العالي ــ  إلى حياكة المؤامرات ضد مصر والعبث بمياه النيل ثم جاءت اتفاقية (عنتيبي ) والتي وافقت عليها معظم دول المنبع، في عام 2009م وسيطرت فيها إثيوبيا بشكل كبير بقيادة رئيس الوزراء زيناوي على ملف حوض النيل ، لتؤكد على مدى إختراق إسرائيل لدول حوض النيل وقوة دعمها لإثيوبيا بهدف تعطيش مصر وتدميرها .. بممارست ضغطًا على بقية دول الحوض ودول المنبع بوجه خاص، مما يزيد من الإشكاليات بين دول الحوض، وبما يحقِّق لها مصالحها المائية والسياسية المخطَّط لها في الاستراتيجية الإسرائيلية

لقد ترسخ الوجود الإسرائيلي السياسي في إثيوبيا منذ أكثر من نصف قرن ، وتمثل في مساعدات متنوعة كان أخرها مساعدت إسرائيل سياسيا قبل أن تكون ماليا لإثيوبيا في بناء "سد الموت الأثيوبي" المسمى كذبا "سد النهضة" ،بالضغط على دول حوض النيل تجلت خطوط المؤامرة الاثيوبية الإسرائيلية على مصر بانتهاز فرصة أحداث 25 يناير 2011م  واستغلال  عدم استقرار الأوضاع الأمنية والسياسية في مصر، وشرعت في بناء السد على مجرى حوض النيل في ظل الدعم المالي والسياسي الإسرائيلي لإثيوبيا.

 

لا شك أن مايحدث هو إعلان حرب على مصر من قبل إسرائيل تستخدم فيه إثيوبيا وكيلاً عنها لتدمير مصر دون أن تخسر جندي إسرائيلي واحد في المعركة . تعاونها تركيا في الغرب بتهديد الأمن القومي المصري من خلال الأراضي الليبية وبالتالي تعطيل حركة الاصلاح في مصر وربما تعرضها لغزو ثلاثي في حالة قيامها بضرب السد من الشمال الشرقي تهاجم إسرائيل سيناء ومن الجنوب إثيوبيا ومن الغرب ليبيا .. وبذلك تواجه مصر عدوان ثلاثي جديد ( إسرائيل إثيوبيا تركيا ) 

 

مصر إسرائيل تركيا إثيوبيا سد