20 أبريل 2024 14:47 11 شوال 1445
دنيا المال
رئيس التحرير إيهاب عبد الجواد
الصحة والتعليم

الإيمان والكفر عند فلاسفة اليهود في العصر الوسيط ”رسالة دكتوراة لــ محمد الشرنوبي

دنيا المال

حصل محمد عبدالعليم الشرنوبي حسين عيد المدرس المساعد بقسم اللغة العبرية  جامعة الأزهر على درجة العالمية (الدكتوراة) عن رسالتة "الإيمان والكفر عند فلاسفة اليهود في العصور الوسطى" و التي نُوقشت تحت إشــراف أ.د. سامي محمود محمود إبراهيم الإمام أ.د. توفيق علي توفيق  أ.د. مناع حسن عبدالمحسن و أ.د. يحي محمد عبدالله. 

دنيا المال تشرف بتقديم محتوى هذ البحث العلمي ليستفيد منه الدارسين بأقسام اللغة العبرية بالجامعات المصرية والعربية 

المقدمة

 إن الفلسفة قد تؤدي إلى الإيمان، على عكس من قال إن الفلسفة تؤدي في النهاية إلى الكُفر. وهذا لا ينفي احتمالية أن تؤدي إلى الكفر. كانت هذه الإشكالية، هي سبب استهلال الباحث لدراسة "الإيمان والكفر عند فلاسفة اليهود في العصور الوسطى"، بمدخل يناقش فيه علاقة الدين بالفلسفة، عند فلاسفة اليهود في العصور الوسطى، وذلك لبحث علاقة الدين بالفلسفة.

ومما تجدر الإشارة إليه أن هناك علاقة إيجابية بين الدين والفلسفة، فمن الممكن أن تؤدي الفلسفة إلى الإيمان، أو من الأوْلى القول إن الفلسفة تجعل الشخص يُفكر في أمر ما، ثم يحاول إثباته، فيتحقق من صحته بالتجربة، فيجده متوافقًا مع أصول شريعة إلهية، فيُصدقه، وأخيرًا يؤمن به، وبذلك ينأى بنفسه عن الوقوع في الكفر.

كما لاحظ فلاسفة اليهود في العصور الوسطى؛ أن شريعتهم بحاجة إلى أركان للعقيدة، فوضعوا لها أركانًا، لكي لا تكون أقل من أي شريعة لها أركان، وقالوا إن من يُصدِّق هذه الأركان؛ ويعتقد بما ورد فيها؛ يكون مؤمنًا، وإلا يكون كافرًا، وكان أبرز من كتب عن أركان العقيدة اليهودية؛ سعديا جاؤون، وموسى بن ميمون، ويوسف ألبو، وحسداي قرسيقس.

ورغم تعدُّد فلاسفة اليهود الذين تحدثوا عن أركان العقيدة اليهودية؛ إلا أن الأركان التي وضعها موسى بن ميمون؛ لاقت قبولاً في الأوساط اليهودية، فتناولتها أقلام الكُتاب بالشرح والنقد، ذلك لأنه صاغها في صورة قالب، ينبغي التصديق بما ورد فيه من أركان. وتُعدُّ مناقشة أركان العقيدة؛ هي السبيل الموصلة إلى مناقشة الإيمان، والكفر عند فلاسفة اليهود؛ لأن من يُصدِّق ما ورد في أركان العقيدة؛ يُحكَم عليه بالإيمان، وإلا يُحكَم عليه بالكفر.

 ومن أبرز هذه الأركان؛ مسألة تحريم نسخ التوراة، حيث إن شريعة اليهود تُحرِّم نسخها، مستندين في ذلك على بعض النصوص التوراتية، التي تنُصّ على تحريم الزيادة أو النقصان من التوراة، والمقصود بها التوراة، الموجودة في أيدي اليهود اليوم.

حيث إن المسلمين يعتقدون بنسخ التوراة الحالية، لأنها أصابها التحريف، فقد كان ذلك سببًا لأن يحكم فلاسفة اليهود، على الرسول محمد ﷺ، وعلى من يعتقد نسخ التوراة؛ بالكفر. ليس هذا فحسب؛ بل حُكم على من يعتقد جواز نسخ التوراة، بالقتل، وهذا يعني أن المسلمين لابد من قتلهم في نظر اليهود، وصدق الله العظيم القائل: ﴿وَلَن تَرۡضَىٰ عَنكَ ٱلۡيَهُودُ وَلَا ٱلنَّصَٰرَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمۡ ... ( )﴾. لذلك يعرض الباحث لقضية الكُفر، ونظرة فلاسفة اليهود للمسلمين، ثم يعرض لقضية النسخ من خلال ما ورد في المصادر العبرية.

 ثم يناقش الباحث النصيب الأخروي، عقوبة القطع، وفقما ورد في المصادر العبرية. مشكلة الدراسة تناولت أقلام باحثو اليهود مناقشة قوائم أركان العقيدة اليهودية، والحكم على من يُصدق بما ورد فيها من أركان الإيمان، والفوز بنصيب في العالم الآخر، أو الحكم على منكرها كُلها، أو أحد أركانها بالكفران، وخُسران النصيب في العالم الآخر، وقطع نفْسَهُ.

على الرغم من أهمية هذه الموضوعات؛ فالباحث يرى أن هناك ندرةً في الدراسات التي عنيت بها؛ فلم تحظ بنصيبٍ وافرٍ من البحث والدرس؛ ولذلك كان "الإيمان والكفر عند فلاسفة اليهود في العصور الوسطى"؛ موضوعهُ في الدراسة. أهمية الدراسة تفتقر خزانة المكتبة العربية؛ إلى دراسات مستفيضة عن أركان العقيدة اليهودية عند فلاسفة اليهود في العصور الوسطى، فضلاً عن خُلوها من دراسات تناقش الإيمان والكفر في الكتابات العبرية بصورة عامة، وعند فلاسفة اليهود في العصور الوسطى بصورة خاصة. إن هذه الدراسة قد تُشكِّل أهمية للباحثين في مجال مقارنة الأديان؛ لاعتقاد الباحث أنها قد تكشف عن أبرز النقاط الورادة عن أركان العقيدة اليهودية، والإيمان، والكفر، عند فلاسفة اليهود في العصور الوسطى.

أهداف الدراسة من الممكن تلخيص الأهداف التي يصبو الباحث للكشف عنها في هذه الدراسة؛ في النقاط التالية:

 1. الكيفية التي تناول بها أقلام كُتاب وفلاسفة اليهود الحديث عن أركان العقيدة اليهودية.

2. مفهوم الإيمان والإلحاد والكفر عند فلاسفة اليهود في العصور الوسطى.

3. الإيمان بوجود الإله عند فلاسفة اليهود في العصور الوسطى، كونه الركن الركين لأركان العقيدة اليهودية. 4

. مناقشة جدال فلاسفة اليهود ضد الإسلام.

5. مناقشة الركن الخاص بكون التوراة من السماء، وأن منكرها؛ يُحكم عليه بالكفر.

 6. مناقشة الركن الذي ينُص على أبدية التوراة، وأنها لن تُنسَخ من خلال ما ورد في المصادر العبرية.

 7. مناقشة ماهية الثواب المتمثل في "نصيب في العالم الآخر" "חלק בעולם הבא"، لمن يكون مؤمنًا، أو العقاب المتمثل في خُسران النصيب في العالم الآخر، فضلاً عن قطع النَّفْس؛ لمن يكون كافرًا.

الدراسات السابقة لم يعثُر الباحث على دراسة واحدة، ناقشت الإيمان والكفر، عند فلاسفة اليهود في العصور الوسطى. منهج الدراسة يستعمل الباحث في هذه الدراسة،المنهج التكاملي، حيث يقوم بتحليل ما ورد في المصادر العبرية عن أركان العقيدة والإيمان والكفر، عند فلاسفة اليهود، ونقد ما قد يراه بحاجةٍ إلى نقد، مُتبعًا الترتيب التاريخي. وبعد؛ فليس هناك عمل بدون أخطاء، لأن الكمال لله وحده، وإنما حاولت قدر استطاعتي، أن يخرج البحث في صورة طيبة.

 فصول الدراسة تشتمل الدراسة على مدخل، وأربعة أبواب، قُسِّمت على النحو التالي:

مدخل: علاقة الدين بالفلسفة عند فلاسفة اليهود في العصور الوسطى. الإيمان عند آباء وأنبياء بني إسرائيل.

الباب الأول: أركان العقيدة اليهودية عند فلاسفة اليهود في العصور الوسطى الفصل الأول: ماهية أركان العقيدة اليهودية وتاريخها.

الفصل الثاني: أركان العقيدة اليهودية عند سعديا جاؤون.

 الفصل الثالث: أركان العقيدة اليهودية، عند موسى بن ميمون.

 الفصل الرابع: أركان العقيدة اليهودية عند يوسف ألبو.

 الباب الثاني: الإيمان عند فلاسفة اليهود في العصور الوسطى

الفصل الأول: مفهوم الإيمان، ودلالات مصطلح "إموناه" "אמונה" في المقرا.

الفصل الثاني: الإيمان والاعتقاد عند فلاسفة اليهود.

 الفصل الثالث: الإيمان بوجود الموجِد عند فلاسفة اليهود.

الباب الثالث: الكُفر عند فلاسفة اليهود في العصور الوسطى

 الفصل الأول: ماهية الكفر والإلحاد والأبيقورية.

 الفصل الثاني: الكفر عند فلاسفة اليهود في العصور الوسطى.

الفصل الثالث: جدل فلاسفة اليهود ضد الأديان الأخرى.

 الباب الرابع: نسخ التوراة وجزاء الكافرين عند فلاسفة اليهود

 الفصل الأول: نسخ التوراة. الفصل الثاني: إنكار كون التوراة من السماء، ونسخها عند ابن ميمون.

 الفصل الثالث: حكم نسخ التوراة عند فلاسفة اليهود.

الفصل الرابع: العالم الآخر وقطع النَّفْس.

 الخاتمة: تشتمل على أهم النتائج التي توصلت الدراسة إليها. قائمة المصادر والمراجع، المُستَفاد منها في إعداد الدراسة.