20 أبريل 2024 04:27 11 شوال 1445
دنيا المال
رئيس التحرير إيهاب عبد الجواد
دنيا العرب

أثر توتر العلاقات الأمريكة على انهيار الليرة التركية

دنيا المال

تشهد العلاقات الأمريكية التركية حالة من التوتر الشديد، بعد اشتعال الأزمة بين الدولتين عقب  إعلان وزارة الخزانة الأمريكية قبل أسابيع فرض عقوبات على وزيري الداخلية والعدل في تركيا على خلفية احتجاز القس أندرو برانسون، الذي تتهمه تركيا بارتكاب جرائم دعم لمنظمة «خدمة» التابعة للداعية المقيم في أمريكا ( فتح الله جولن) ، و(حزب العمال الكردستاني)، وهما تنظيمان تعتبرهما أنقرة حركتين إرهابيتين. وتطبيقًا لسياسة الرد بالمثل،  أمر الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بتجميد أي أصول في تركيا لوزيري الداخلية والعدل الأمريكيين، وقال أردوغان إن الإجراءات التي اتخذتها الولايات المتحدة بشأن القس أندرو برنسون “لا تليق بشريك استراتيجي، وهي إهانة لتركيا”.

  • العلاقة التركية الأمريكة :

ولا يعد هذا التوتر هو الأول من نوعه في تاريخ العلاقات بين الدولتين في التاريخ المعاصر،  اذ فرضت الولايات المتحدة الأمريكية حظرا للاسلحة على تركيا في عام 1975  بعد اجتياحها لشمالي قبرص ، وردت تركيا باغلاق جميع القواعد الامريكية فيها ، ومع ذلك لم يكن الامر حقا يشير الى انهيار في العلاقات الامريكية التركية الثنائية على الرغم من ان حل المشكلة لم يتم الا بعد ثلاث سنوات من المفاوضات المطولة.

هذه الأزمة الدبلوماسية في سياقها الأمريكي لها أسبابها العميقة بين الدولتين، والذي يعود إلى عقود من النفوذ الأمريكي القويّ في المؤسسة العسكرية التركية، وإلى التغيّرات الكبرى التي شهدتها السياسة الدولية بعد تفكك الاتحاد السوفييتي، وحدث الهجوم على برجي التجارة في نيويورك في سبتمبر عام 2001، وما تبعه من احتلال لأفغانستان في ذات العام والعراق في 9 أبريل عام 2003م، ودخول حقبة العداء للمسلمين والإسلام في العالم كبديل عن النزاع مع المنظومة الشيوعية السابقة.

وهذا يؤكد بأن الأيدلوجية السياسية مستمرة في مرحلة ما بعد الحرب الباردة ولكن وليس تدعي المؤسسات الفكرية والسياسية الغربية بأن الأيدلوجية انتهت بتفكك الاتحاد السوفييتي وانتهاء مرحلة الحرب الباردة، الأزمة الدبلوماسية الأمريكية التركية تؤكد مجددًا، أن الايديولوجية مازالت تفعل فعلها في عالم السياسة، وليس صحيحا انتهت بنهاية الحرب الباردة ، فهي تجدد نفسها من اقتصادية اجتماعية الى دينية. هذه التصدّعات الفكرية الكبيرة في السياسة الدولية تكاد تصل إلى نتائجها الأخيرة مع عودة النفوذ الروسيّ بطرق أخرى، وظهور التأثير الصيني، وصعود الفاشيات والاتجاهات العنصرية في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا، وقراءة الخلاف التركي ـ الأمريكي يجب أن تتم ضمن هذه السياقات كلها.

 

  • الراهب الأمريكي الإنجيلي :

بدأت الأزمة الراهنة بين أنقرة وواشنطن على خلفية إطلاق الرئيس ترامب ونائبه تهديدات مباشرة بفرض «عقوبات كبيرة» على تركيا في حال لم تطلق سراح راهب أمريكي يحاكم في تركيا بتهم تتعلق بالإرهاب، وهو ما رفضته أنقرة وأكدت أن قرار القضاء التركي سيكون الفيصل في هذه القضية.​

  • تصعيد تركي وتشابه في الموقف الكوري والإيراني :

 وبشكل لافت، ركز كتاب أتراك كبار على أن التحول في الموقف الأمريكي والهجوم غير المسبوق لترامب ونائبه على تركيا يشبه إلى حد كبير تعامل الأخير مع ملفي إيران وكوريا الشمالية، محذرين من وجود لوبيات داخل الولايات المتحدة تهدف إلى تدمير العلاقات بين البلدين لصالح أطراف أخرى تسعى لذلك، على حد تعبيرهم.​ ومقابل رفع الولايات المتحدة حدة خطابها لمستوى غير مسبوق مع تركيا وإطلاقها تهديدات مباشرة بفرض عقوبات واسعة عليها، شدد كبار المسؤولين الأتراك على أن بلادهم «لم ولن تخضع أمام التهديدات من أي طرف»، كما أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مخاطباً ترامب بأن «تركيا لن تخضع أمام تهديداتكم».​

  • دور الانتخابات الأمريكة القادمة في افتعال الأزمة :

تعتبر بعض التحليلات تصعيد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونائبه مايكل بنس ضد تركيا في خصوص القسّ المحتجز محاولة للحصول على أصوات ولايات «الحزام الإنجيلي» في الولايات المتحدة الأمريكية خلال الانتخابات النصفية المقبلة في نوفمبر، ففي هذه القصة بعض عناصر الدراما الدينية اللازمة لذلك الجمهور الأمريكي حيث تحتجز دولة يحكمها حزب ورئيس إسلاميان قسا إنجيليا، وذلك لتعويض الخسائر المتوقعة لترامب على خلفيّة الفضيحة المستمرة للتدخل الروسي المستمر في الانتخابات، وهجمة الديمقراطيين والليبراليين الكبيرة لكسب مقاعد جديدة في الكونغرس، وانفضاض بعض اتجاهات اليمين العنصري عن ترامب.

 وترى الولايات المتحدة أن تركيا قد ذهبت بعيدا فى معارضتها السياسة الأمريكية، وأنها تجاوزت نقطة اللاعودة، وماضية فى تعميق علاقتها بخصوم الولايات المتحدة وفى مقدمتهم روسيا وإيران والصين، فقد أعلنت تركيا الأسبوع الماضى رفضها طلب الولايات المتحدة بالمشاركة فى فرض عقوبات على إيران، وفى التوقيت نفسه كانت تركيا تشارك فى الجولة العاشرة فى مباحثات سوتشي، وتعهدت تركيا بأن تلعب دورا رئيسيا فى احتواء معظم المعارضة السورية المسلحة، بل مضت تركيا فى اتفاق شراء منظومة صواريخ إس 400 من روسيا، لتكون الدولة الوحيدة فى حلف الناتو التى تشترى أسلحة متطورة من روسيا، وفشلت كل المحاولات الأمريكية فى إلغاء تلك الصفقة.

  • رأي المحللون الاقتصاديون في انهيار الليرة التركية

يرى المحللون الاقتصاديون أن  سبب انهيار  الليرة التركية هو قيام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالتوسع في الاستثمارات والبنية الأساسية داخل تركيا، ولكنه جعل القطاع الخاص هو من يقوم بهذه الاستثمارات، ولم تقم الشركات الوطنية التركية بأي مشروع.

وأن الشركات الخاصة التركية فشلت في تسديد الديون، وتركيا امتنعت عن تسديد المستحقات للشركات، لافتًا إلى أنه بعد تعثر الشركات أوقفت كل استثماراتها في البلاد، مما أدى إلى سقوط الليرة.


بعكس مصر حينما قامت الدولة المصرية بتنفيذ مشروعات لإنقاذ الاقتصاد المصري، لم تقم بالاعتماد على القطاع الخاص، ولكنها جعلت الشركات الوطنية تنفذ كافة المشاريع، لعدم تحميل القطاع الخاص أعباء لا يتحملها.

تركيا أمريكا الليرة