18 أبريل 2024 05:47 9 شوال 1445
دنيا المال
رئيس التحرير إيهاب عبد الجواد
مقالات

هل تملك ايران غلق مضيق هرمز بموجب قواعد القانون الدولي )

دنيا المال

يعدمضيق هرمز أحد أهم الممرات المائيـة فـي العـالم، وقـد كان لمضيق هرمز دوراً دوليـاً وإقليميـاً مهمـاًعبر التاريخ حيث أسهم في تطـوير التجـارة الدوليـة، في وقت لم تكن الملاحـة فيـه آنـذاك تنظمها اتفاقيات دولية ، بل كانت تخضع لنظام الترانزيت الذي لا يفـرض شـروطاً علـى الـسفن مـا دام مرورها سريعاً من دون توقف، ونظراً للاهمية الكبيرة التي يحظي بها هـذا المـضيق والمتمثلة في موقـعه الاسـتراتيجي ، فقد تعرض عبر التاريخ لأطماع الدول الكبـرى بهـدف الـسيطرة عليـه، وقـد اعتبرت بريطانيـا مضيق هرمز مفترقَ طرقٍ استراتيجياً وتدخلت بأسـاليب مباشـرة وغيـر مباشـرة فـي شـؤون الدول الواقعة على شواطئه لتأمين مواصلاتها الضرورية.

وفي العصر الحديث زادت اهمية المضيق بعد كثيرا اكتشاف النفط في الدول المحيطة به حيث تسيطرهذه الدول على احتياطي نفطي كبير يقدر ب 730 مليار برميل، كما يمر عبره نحو40 %من شحنات النفط العالمية المنقولة بحراً (أكثر من 17 مليون برميل يومياً) وهو ما يشكل نحو 90 % من حجم صادرات النفطالخام الذي تصدره دول الشرق الأوسط ، كما يكتسب مضيق هرمز أهميته ايضا لكونه يعد بمنزلة عنق الزجاجة في مدخل الخليج العربي، وهو المنفذ الوحيد للدول العربية المطلة على الخليج العربي باستثناء المملكة العربية السعودية والإمارات وسلطنة عمان. - وعلي صعيد التنظيم القانوني الدولي في مجال القانون البحري فنجد أن احكام محكمة العدل الدولية كان لها دورا كبيرا في دفع الأمم المتحدة لوضع اتفاقية اطارية تحكم و تنظم حركة الملاحة البحرية الدولية في ضوء المتغيرات الدولية و ظهور الثروات الطبيعة الحية و غير الحية في قيعان البحار و المحيطات ، وضرورة وضع أطر قانونية تتيح للدول النامية الحق في استغلال هذه الثروات و أيضا التأكيد علي ضمان حرية الملاحة البحرية الدولية كالتزام قانوني ذو طبيعة إمرة ، وهنا نجد ان محكمة العدل الدولية قد أشارت في حكمها الشهير الصادر في عام 1949، فيما يعرف بقضية مضيق كورفو بين بريطانيا والبانيا إلى مبدأ قانوني عام يحكم وينظم المرور بالمضايق مفاده (أن الدول طبقاً للعرف الدولي والمعترف به بصورة عامة لها الحق في وقت السلم في عبور سفنها العسكرية في المضايق الدولية التي تصل بين جزأين من أعالي البحار دون الحصول على إذن مسبق من الدولة الشاطئية، شريطة أن يكون المرور بريئاً، وما لم توجد معاهدة دولية تقضي بخلاف ذلك فليس من حق الدولة الشاطئية أن تمنع المرور في المضايق الدولية في وقت السلم .

وبعد ذلك وضعت الأمم المتحدة ممثلة في لجنة القانون الدولي التابعة لها اتفاقية الأمم المتحدة الجديدة لقانون البحار التي اعتُمِدتْ في 30 ابريل 1982 ، والتي دخلت حيز النفاذ القانوني بعد ذلك ، حيث أكدت الاتفاقية بكل صراحة ووضوح علي الحق في ممارسة حرية الملاحة للسفن في الممرات المائية المستخدمة للملاحة الدولية، وحددت الاتفاقية وحقوق والتزامات الدولة الساحلية المطلة على الخليج أو المضيق بما يضمن انتظام حركة الملاحة البحرية الدولية باعتبارها من الأمور التي تهم عموم المجتمع الدولي، وأن عرقلة الملاحة بأي صورة يمثل تهديدا مباشرا للسلم والأمن الدوليين ، حيث أكدت الاتفاقية علي أن الدولة التي تخالف هذه الأحكام تتعرض للمسؤولية الدولية خاصة إذا ترتب على تصرف الدولة المطلة على المضيق إعاقة الملاحة في هذه الممرات المائية الدولية، وقد يؤدي ذلك إلى تدخل مجلس الأمن الدولي المنوط به الحفاظ على الأمن الجماعي الدولي بموجب ميثاق الأمم المتحدة الذي اخصه وحده بهذه المهمة.

والمستفاد من قراءة و تحليل الأحكام القانونية التي وردت باتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982 ، انها جاءت بأحكام وقواعد قانونية تتمتع بالإلزامية لكونها قواعد عرفية أمره ، لا يمكن لأي دولة الخروج عليها .

و خلاصة القول ان ايران لا تملك الحق القانوني في غلق مضيق هرمز ، بل ان التهديدات الصادرة عن بعض المسؤلين الايرانيين والذين يعبرون من الناحية القانونية و السياسية عن شخصيتها القانونية أمام المجتمع الدولي ، تعد مبررا قانونيا لطرح الأمر أمام مجلس الأمن الدولي الذي يملك اتخاذ قرارات علي ضوء تلك التصريحات التي يمكن أن تنعكس سلبيا علي مؤشرات الاقتصاد العالمي من خلال تأثيرها علي حركة التجارة الدولية وتصدير النفط في هذه المنطقة الهامة .

المستشار الدكتور/ مساعد عبدالعاطي شتيوي.

عضو مجلس إدارة الجمعية المصرية للقانون الدولي.

المستشار الدكتور مساعد عبد العاطي