23 أبريل 2024 23:14 14 شوال 1445
دنيا المال
رئيس التحرير إيهاب عبد الجواد
دنيا العرب

6أسباب دفعت ترامب للاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل

دنيا المال

 

  • انقاذ شعبيته والتغطية على التحقيقات بشأن اتصالاته بالروس أثناء الانتخابات الأمريكية .

  • إرضاء ناخبية بعد فشله في "إلغاء الاتفاق النووي مع إيران" و"إلغاء خطة أوباما للتأمين الصحي"و "بناء السور مع المكسيك"و "إجراء إصلاح شامل في سياسة الهجرة للولايات المتحدة ".

  • ضغوط  نتنياهو وابنته " ايفانكا اليهودية وصهره رجل الأعمال اليهودي جاريد كوشنر  والإنجليين أنصار إسرئيل .

كتب : إيهاب عبد الجواد : 

بمداد عفن سطر الرئيس الأمريكي " دونالد ترامب " هذا الأسبوع اسمه في "صفحات سود" من تاريخ العالم العرب والإسلامي ليصبح يوم 6 ديسمبر 2017 ذكرى دخوله هو وقراره مزبلة التاريخ الإنساني من أوسع أبوابه ، بتنفيذه قرر الولايات المتحدة الأمريكية المؤجل منذ 22 عاما بنقل السفارة الأمريكية من" قرى يافا المحتلة ــ تل أبيب " إلى القدس المحتلة في الأراضي الفلسطينة المحتلة .

وعن هذا العمل الدنيء بتنفيذ وعد بلفور الأمريكي الجديد بعد مرور 100 عام على وعد بلفور البريطاني نشرت الصحف العبرية عن هذا الحدث الذي وصفته بالتاريخي أن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، تباهي يوم ، بإنجازه الذي فاجأ العالم وأثار الضجة في "العالم العربي " سباعتراف أمريكي "القدس عاصمة لإسرائيل" ، قائلا إنه، خلافا لغيره، "وفىً بوعده" . وفي حين تتصاعد ألسنة الغضب في العالم العربي، وتشتد نبرة التنديد بالقرار المجحف لحقوق الفلسطينيين في القدس، حرص ترامب على أن يبث أنه يصنع التاريخ، مؤكدا لناخبيه أنه سيدخل التاريخ كالرئيس الذي صنع السلام في الشرق الأوسط.

 

ولمعرفة السبب أو الأسباب التي دفعت ترامب إلى اتخاذ القرار الذي قد يشعل" الوطن العربي وفي القلب منه الأراضي المحتلة بفلسطين "حسب سياسيين ومحللين ومراقبين في المنطقة، كتبت "أورلي أزولاي" ، في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أنه يجب النظر إلى وعود ترامب خلال حملته الانتخابية، تلك التي لم يستطع أن يحقق أيا منها حتى الآن وهي: "إلغاء الاتفاق النووي مع إيران"، "إلغاء خطة أوباما للتأمين الصحي"، "بناء السور مع المكسيك"، "إجراء إصلاح شامل في سياسة الهجرة للولايات المتحدة."

وتشير أزولاي إلى أن "ترامب"  كان مضطرا إلى إنجاز وعد من وعوده من أجل إرضاء الأمريكيين الذين صوّتوا له بناء على هذه الوعود، وإعادة شعبيه التي بدأ يفقدها في هذه المرحلة من ولاياته.إضافة إلى هذا الدافع، كتبت أزولاي أن الرئيس تعرض لضغوط جمة من قبل إسرائيل للاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، خاصة خلال الزيارة التي أجراها لمدينة القدس ، ورافق هذا الضغط وعد من قبل رئيس الحكومة الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، من أن إسرائيل جاهزة لمواجهة كافة السيناريوهات المترتبة عن إعلان أمريكي متعلق بالقدس.

وكذلك تعرض ترامب إلى ضغوط شديدة من قبل الأمريكيين الإنجيليين الذين تربطهم علاقة قوية وخاصة بإسرائيل والقدس. تجدر الإشارة إلى أن نائب الرئيس، مايكل بينس، ينتمي إلى هذه الطائفة. وقد سبق القرار حملة دعائية شنها زعماء المسيحيين الإنجيليين في الولايات المتحدة، وعلى رأسهم مايك هاكبي، والد المتحدثة باسم البيت الأبيض سارة هاكبي أندرسون، نادت إلى الضغط على الرئيس لنقل السفارة إلى القدس والاعتراف بها عاصمة "أبدية" لإسرائيل.وتضيف الصحفية الإسرائيلية إلى أن الرئيس الأمريكي الغارق في قضية التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية، وجد فرصة لصرف نظر الإعلام الأمريكي عن القضية، لا سيما بعد اعتراف مستشاره السابق، مايك فلين، بأنه كذب على المحققين بشأن علاقاته مع الروس.

 

أما عاموس هرائيل في "هآرتس العبرية تحت عنوان "ثمن مقامرة ترامب " "  فقد كتب يقول أن رئيس الحكومة نتنياهو سجل لنفسه في هذا الاسبوع انتصار دبلوماسي بارز، كما أن الاعلان الامريكي فتح الباب أمام دول اخرى، ومنها التشيك والفلبين، للاعلان عن اعترافها بالقدس كعاصمة لاسرائيل وربما نقل سفاراتها اليها. كما أن هذا يعتبر انتصارا سياسيا بالنسبة لنتنياهو لأنه لا يوجد أي منافس أو شريك في الاحزاب الموجودة على يمين ميرتس، يتجرأ على السماح لنفسه بالتحذير من نتائج هذا القرار.

إن مافعله ترامب لا يرجع فقط إلى اعتبارات الحب غير المحدود للعاصمة الأبدية للشعب اليهودي. بل يبدو أن الرئيس فعل ذلك اساسا لأنه من المهم بالنسبة له أن يظهر افضل من كل أسلافه في البيت الابيض (“هم فقط صرحوا وأنا نفذت”). ولأنه لا يرغب في أن يقولوا له ما الذي يمكنه القيام به وما الذي لا يمكنه القيام به. ثانيا، وربما هو الأهم، لأن التداعيات المحتملة لقرار ترامب اصبحت تحلق في الجو.

الشعوب العربية  ارتكزت ردودها على الخطوات السياسية في ردود فعل غاضبة، عنيفة ومنفلتة العقال. وامكانية اندلاع موجة احتجاج واسعة هنا تكلف سفك الدماء ما زالت امكانية معقولة.

حماس دعت الى انتفاضة احتجاج، بالتأكيد كجزء من المنافسة مع السلطة الفلسطينية على قيادة الاحداث. في أجهزة الامن الاسرائيلية التي يجب عليها تقدير الاحتمالات الأسواء  تم اتخاذ قرار ارسال عدد من الوحدات القتالية الى الضفة الغربية وتعزيز قوات الشرطة في القدس.

 في الاسابيع والايام القادمة ستتضح نتائج مقامرة ترامب، الذي كان نتنياهو كما يبدو شريكا له، على الاقل في المعرفة المسبقة.

تاريخ القدس سبق له وقدم المادة المتفجرة التي  اشعلت المنطقة في احداث الحرم في العام 1990، وفي احداث نفق حائط المبكى " حائط البراق" في 1996، وفي الانتفاضة الثانية في 2000 (بعد زيارة اريئيل شارون في الحرم) وموجة قصيرة نسبيا من العمليات في خريف 2014. وهذه الأيام  تحل بالصدفة الذكرى السنوية الثلاثين لحادثة شديدة وعنيفة اندلعت في المناطق في ظروف اخرى – "الانتفاضة الاولى" .

ويضيف " عاموس " إن امكانية اندلاع أعمال عنف في القدس وفي المناطق وربما حتى في الوسط العربي في اسرائيل (يصعب تخيل الشيخ رائد صلاح يمر مرور الكرام على فرصة كهذه لتأجيج العنف)، تقتضي الآن من القيادة الاسرائيلية والقيادة الامنية القيام بعملية ضرورية ومتزنة.

 

ويشير عاموس " في المحاضرة التي ألقاها أول أمس في معهد اسرائيل للديمقراطية في القدس، وصف رئيس هيئة الاركان آيزنكوت الطريقة التي استطاعت من خلالها اسرائيل كبح موجة عمليات الاشخاص المنفردين، التي بدأت في القدس وفي الضفة الغربية في ديسمبر 2015. وقد اعترف بأنه مرت بضعة اشهر قبل بلورة رد على مقاومة عنيفة  من هذا النوع، الذي لم يكن له منظمين وقادة. ولكنه قال بعد ذلك، لقد نجح الدمج بين المعلومات الاستخبارية المفصلة والدقيقة والرد الحاسم على المستوى الميداني وسياسة الامتناع عن العقاب الجماعي الواسع في خفض مستوى اللهب.

“نحن نمتنع عن فرض الاغلاق والحصار”، واضاف “هذا لا يخدم تنفيذ المهمة ايضا حتى لو كانت المقاومة  يثير الغضب جدا ودمنا يغلي”. وقد تحدث رئيس الاركان عن شخصية فلسطينية رفيعة التقت مع المستوى الامني الاسرائيلي بعد وقت قصير من تهدئة النفوس. وحسب اقواله، هذه الشخصية قالت لمحدثيها إن العنف على الارض  لم يتطور الى انتفاضة شاملة قبل سنتين لأن الجمهور على الارض رأى أن الجيش الاسرائيلي تصرف بصورة عقلانية جدا وميز بين السكان وبين الفدائيين”.

في الطريق الى معهد الديمقراطية تجول رئيس الاركان في الخليل لأخذ الانطباع عن استعدادات الجيش الاسرائيلي لاحتمالية التصعيد القريبة. ومن المعطيات التي تم تقديمها له، تبين أنه في 2017 سجلت حتى الآن 56 محاولة طعن من قبل الفلسطينيين في المدينة، 53 من المنفذين تم اعتقالهم قبل تنفيذ العمليات دون اطلاق نار. 3 محاولات انتهت بمصابين.

هذا مقابل 39 محاولة للقيام بعمليات، 17 منها نجحت في 2016. هذا التحسن الكبير تحقق بفضل التغييرات في الاستعداد في الحواجز وبفضل التكنولوجيا التي استخدمت من اجل زيادة نجاعة جهود الاحباط.

ويقول " عاموس " في هآرتس العبرية : خطاب آيزنكوت سمع وكأنه رسم لطريقة تعامل اسرائيل مع الموجة القادمة في حالة اندلاعها. اذا كانت اعمال عنف في القدس فيجب أن يتعامل معها لواء القدس في الشرطة والمفتش العام للشرطة روني الشيخ (ومن المهم رؤية كيف سيتعامل مع مكتب رئيس الحكومة، على خلفية التوتر الشديد في موضوع التحقيقات). وتحت قيادة رئيس الاركان تعمل في المناطق سلسلة قيادات لها تجربة، على رأسها قائد منطقة الوسط "روني نوما " وقائد قوات جيش الدفاع في الضفة العميد "عران نيف" . ويضيف  روني نوما قاد السياسة على الارض في موجة المقاومة الاخيرة. و"نيف " يعرف جيدا المنطقة بصفته كان قائد كتيبة في ذروة الانتفاضة الثانية (هو الضابط الذي تغلب في نهاية المطاف على المقاومين في العملية الشديدة في “طريق المصلين” في الخليل في 2002، كقائد للواء في الضفة وقبل ذلك ضابط قسم العمليات لفرقة الضفة الغربية)، تحت قيادة آيزنكوت في الفترة التي نجح فيها الجيش والشباك في كبح أعمال الانتحاريين. هذه مجموعة عقلانية ومتزنة سبق لها أن شاهدت كل شيء على الارض.

 

جزء مما تغير في الواقع في السنوات الاخيرة يتعلق برد الجمهور الاسرائيلي. آيزنكوت تطرق الى ذلك فقط باختصار في محاضرته في معهد الديمقراطية، لكن من الواضح أن الانقسام حول أوامر فتح اطلاق النار، وفي الاساس محاكمة "اليئور ازاريا" ، أثرت بشكل كبير على العلاقة بين الجيش الاسرائيلي والمجتمع. مطلوب هنا معركة كبح ازاء غضب الجمهور، الذي قام باشعاله سياسيون كثيرون. في نهاية المطاف، رئيس الاركان والنيابة العامة وقضاة المحكمة العسكرية ورئيس الدولة تمكنوا من صد هذا الاندفاع، لكن هذا موقف له ثمن في العلاقة بين اليمين المتطرف ورئيس الاركان، وبيقين رئيس الدولة.

وأضاف لقد اعتاد رئيس الحكومة على التأكيد على أن الدولة تتمتع بنمو اقتصادي لا مثيل له. فهو يصف اسرائيل كمنارة للتكنولوجيا والعلم والمعرفة، التي يبدد توق الدول الاخرى في التعلم منها التنبؤات المتشائمة بشأن العزلة الدبلوماسية المتوقعة لها في اعقاب استمرار سيطرتها على المناطق.

في ادعاءات نتنياهو ترتبط معا ثلاثة فرضيات اساسية، الاولى، أن الكيمياء بينه وبين ترامب ستحمي اسرائيل من أي سوء. الثانية، أن المصالح المشتركة بين الدول السنية والتعاون الامني الذي يجري حسب التقارير من وراء الكواليس، تدفع القضية الفلسطينية الى الهامش في أجندتها. الثالثة، أن العلاقة الوثيقة التي نجح في نسجها مع الرئيس بوتين منعت تورط اسرائيل مع سلاح الجو الروسي في سوريا، وساعدت في الحفاظ على احتياجاتها الامنية في الجبهة الشمالية فيما بعد.

 

لكن ربما أن الاحداث الاخيرة تطرح تساؤلات كثيرة حول فرضياته. اسرائيل ما زالت لا تعرف بالتأكيد كيف ستبدو" مبادرة السلام الامريكية في القناة الفلسطينية" . والمتوقع كما يبدو استمرارا لاعلان القدس، وأية تنازلات ستطلب من اسرائيل من اجل أن يستطيع الرئيس الامريكي القول إنه حقق العملية السياسية.

 

 

 في الخلفية تتطور مشكلة اخرى ما زالت شأن امريكي داخلي: التقارير الاخيرة حول التحقيق الذي يجريه النائب العام الخاص، "روبرت مولر" ، تدلل على أنها لا تتعلق فقط بعلاقات محظورة من قبل كبار رجالات حملة ترامب مع الروس، بل تتجاوز ذلك لتصل الى العمليات التي نسجها رجال ترامب مع اسرائيل، حول التصويت على المستوطنات في مجلس الامن في أواخر عهد اوباما. الادعاءات القديمة، وكأن القدس تدير واشنطن من خلف الكواليس، يتوقع أن تظهر بشدة اكثر، خاصة على خلفية مشاركة الكثير من اليهود في طاقم السلام للرئيس.

 

وبالنسبة لنا، فان اعلان ترامب يمكن أن يشعل مجددا التوتر بين اسرائيل والفلسطينيين، ويعتم على أحد انجازات نتنياهو الكبيرة في الاونة الاخيرة: الهدوء الامني النسبي الذي تم الحفاظ عليه في الساحة الفلسطينية منذ اشهر طويلة. العلاقة الخفية والعلنية مع الدول السنية، واساسا الاردن والسعودية، ستدخل الى امتحان قاس على خلفية الادانات العربية لاعلان ترامب.

 

 بالنسبة للجبهة الشمالية فان اصرار ايران على مواصلة التواجد في جنوب سوريا، وفي اعقاب ذلك الهجوم الجوي المنسوب لاسرائيل، تواجه في هذه الاثناء بلامبالاة روسية، على الاقل نحو الخارج. إن استمرار التصعيد من شأنه أن يؤدي الى تصادم بين اسرائيل وايران.

 

 

ترامب دونالد ايفينكا نيويورك القدس بلفور الجديد