25 أبريل 2024 05:48 16 شوال 1445
دنيا المال
رئيس التحرير إيهاب عبد الجواد
مقالات

قلاش يرثي ”سمية سليمان ” ارتاحي في سلام

دنيا المال

بقلم نقيب الصحفيين يحيى قلاش 
• هي بنت جيلها الذي تفتح وعيه منتصف السبعينيات، وقد كتب عليه أن يقاوم أجندة جديدة استهدفت إعادة ترتيب الأولويات لصالح طبقات جديدة على حساب الأغلبية التي التحق الآلاف من أبنائها بالجامعات ضمن مكتسبات غير مسبوقة بدّا نذر أفولها يلوح في الأفق، وهو الجيل الذي شاهد بدايات تغيير بعض ثوابت توجهات السياسة الخارجية، خاصة بعد نصر أكتوبر الذي لم تذهب ثماره إلى صانعيه وأبطاله الحقيقيين . 
وهي التي اختارت مهنة صعبة خلال سنوات دراستها الجامعية بتجارة عين شمس، عندما قررت الالتحاق للتدريب بجريدة الجمهورية وأثبتت جدارة فاقت بعض الممارسين لذلك تم تعيينها فور تخرجها .. كان اختيارها لهذه المهنة الشاقة مبنيا على وجهة نظر في الحياة وامتلاك أداة تعبير عن كل ما تعتقده من أفكار ومبادئ ، لذلك قبلت التحدي لتصبح من بين أبرز الصحفيين الذين قاموا بتغطية الشؤون العربية وتحليلها وتناولها بوعي رغم انحسار الاهتمام بالشأن العربي خلال بداية عملها والذي امتد لسنوات ، وكان انحيازها المسبق لكثير من القضايا العربية الساخنة خاصة القضية الفلسطينية لا يأتي على حساب أدبيات المهنة وقواعدها وقيمها، لذلك كانت المعلومات ، التي تعكف علي جمعها بدأب في كل ما تتناوله ، واحترام مصادرها مقدما، بل هو همها الأول، مما اكسبها احترام الجميع من كل القيادات الصحفية الذين عملت تحت رئاستهم رغم تنوعهم ، وكذلك زملائها المنافسين، والمصادر الذين تعاملت معهم . 
هي الأخت والصديقة والزميلة في رحلة طويلة تداخل فيها المهني بالإنساني بالاجتماعي بالنقابي وبكل شجون وهموم الوطن الذي أحبته بحق و دون مقابل وبانحياز مطلق للبسطاء من أهله. وكان دليلها في كل التحديات ومفارق الطرق التي واجهته هو مشاعرها فقط وليست حساباتها وهي خريجة المحاسبة أو عقلها رغم أن العقلانية والواقعية كانت جزءا من تكوينها. 
وهي أيضا التي حملت للجميع المشاعر الطيبة ولم تتحدث بسوء عن أحد أو تفكر في أذى أي شخص حتى ولو حسابها.. تعاملت مع الحياة بمسؤولية تربى عليها أغلب أبناء جيلها، ولكنها خاضت غمارها بشجاعة وجسارة متفردة كانت مثار إعجاب كثيرين، ولم تشعر أحدا أنها وحيدة بل كانت هي التي تتوحد وتمد جسور التواصل مع الجميع إخوة أو أصدقاء أو زملاء، ولا يفارق وجهها الابتسامة لحظة.. حتى في محنة مرضها ورحلته الذي استمرت ما يقرب من عقد ونصف، لم تتخل عن شجاعتها وقاومت بالعمل ولم يفارقها الأمل ، وجاهدت حتى ينسى كثير من المحبين حولها أنها تعاني أو تتألم، كانت تروض المرض وتتعايش معه بشكل مذهل . هي "سمية أحمد سليمان " بنت أسرة مصرية بسيطة تنتمي للطبقة الوسطى من التي احترفت عادة الاستثمار في الأبناء بالتعليم، كانت كتلة من الحيوية والحياة، وسطرت في دفاتر أيامها الأحلام الكبرى وعشق الوطن ، عملت قدر ما استطاعت بحب وبإخلاص نادر. ولكن عندما طالها المرض وطال واستنفد كل طاقتها في مقاومته ووهنت الابتسامة التي ما غابت عن وجهها من قبل، هنا فقط قدرت أن المشوار قد انتهى ، توقفت عن المقاومة وسلمت روحها لمن وهبها الحياة . رحلت سمية و فارقت الاخ و الأخت ولحقت بأحباء لها.. الأب والأم، ومن رفاق مسيرتها المهنية والمقربين لها العزيزين جمال كمال ومحمود نافع. 
أختي وصديقتي وزميلتي العزيزة سمية بالتأكيد سنفتقدك لكن ارتاحي في سلام بعد أن ودعت أحلامك و آلآمك معا . يحيي قلاش مقال منشور اليوم الثلاثاء بجريدة الجمهورية

نقيب الصحفيين عبد المحسن سلامة وزير الإسكان