20 أبريل 2024 01:47 10 شوال 1445
دنيا المال
رئيس التحرير إيهاب عبد الجواد
مقالات

ما الذي حدث للمستثني بإلا ؟؟ 

دنيا المال


لفتت نظري ظاهرة تبدو طريفة وجد خطيرة. عندما يتنازل الكثيرون طوعا عن أهم سلاح هويتهم، وهو الثقافة واللغة العربية. 
وفي كثير من الأحيان لا يدري المرء هل يضحك أم يبكي علي ما يقرأه. فإذا كان الشباب يخشي العولمة والمتغيرات العالمية الجديدة فكيف يواجههما إلا بأسلحة من بينها اللغة العربية؟. 
ونتساءل أين كراسة الخط العربي في مدارسنا؟ وما هذا "النبش" المستخدم في الكتابة؟. ثم كيف يصل الأمر بخريجي الجامعات – حتى أولئك الذين يكتبون بخط جيد - إلي الخطأ في التعبير بلغة سليمة. لا فض فوك عن قواعد النحو والصرف التي اختفت بشدة. والأنكب من ذلك الأخطاء الإملائية. 
وتبلغ الملهاة ذروتها في تلك الأخطاء الإملائية، فنتساءل ما الذي حدث للمستثني بإلا ؟ فقد أصبح هجاء (إلا) في معظم ما قرأت يكتب بـلامين هكذا (إللا). وأحصيت أكثر من 80% من عينة عشوائية كبيرة في أحد الامتحانات فوجدت (إلا) وقد كتبت بلامين. 
أما كلمات مثل تمخضت فقد صارت (تمخدت)، والرقعة الزراعية صارت (الركعة الزراعية). وعلي قدم وساق صارت (علي قدم الوثاق). 
وتحتار الهمزة أين تقع في كلمات مثل ملاءمة وملائمة وتلاؤم. فنادرا ما رأيت الهمزة في مكانها الصحيح. وفي هذا تقع المسئولية علي بعض صحفنا عندما تترك الهمزة حائرة بين تلاؤم الأوضاع، وملاءمتها، لتصبح ملائمة. 
ولعلنا نصغي جيدا للغة الحديث في أرقي المجتمعات والدوائر حاليا. فسنجد لغة تتسرب إلينا من قبيل "الفرانكو آراب". وصار حفظ المستند (بنسييف) ... وتقييم الموقف أصبح (بن إيفاليوويت) .. وقال لي شاب مؤخرا: أنا يا أفندم (بأ ســيك) أي أنا أهدف إلي (I seek to)... وفي إجابة لمادة الاقتصاد، كتب متقدم في ورقة الإجابة رسالة يرجو فيها أن تتاح له فرصة النجاح، مع وعد منه بالمذاكرة بعد التعيين... وأنهي رسالته قائلا: إنني والله لا أعرف شيئا عن البنك الدولي ولا صندوق النقد ولا الجات ... والله علي ما أقول شهيد. 
وفي المقابلة الشخصية رأسته للتعيين في وظائف تتطلب خبرة من عشرة إلي خمسة عشر سنة، كررت السؤال علي أربعين شخصا من المتقدمين، عن مستوي كل منهم في اللغة العربية. وأكدوا جميعا إجادتهم لها. فسألت في كل مرة إن كان المتقدم يذكر بيت شعر باللغة العربية. فلم أتلق بيت شعر واحد في الأربعين مرة. ولو حتي من أغنيات أم كلثوم، أو عبد الوهاب، أو عبد الحليم ممن تغنوا بأجمل القصائد.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

معالي  السفير جمال بيومي - مساعد وزير الخارجية